‏إظهار الرسائل ذات التسميات الطريق إلى النص. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الطريق إلى النص. إظهار كافة الرسائل

أفضل الشعر أكذبه! | الطريق إلى النَص | حسام حامد


الطريق إلى النَص | حسام حامد

أفضل الشعر أكذبه!
•العنوان أعلاه؛ عبارة عن مقولة كانت رائجة في العصر القديم بين الأدباء العرب، حيث تشير بوضوح إلى أهمية وجود الخيال في النص الشعري وفي تحديد هوية الشاعر من الحيث الموهبة والسجع ، وقبل كل ذلك العمق في الطرح، وباستخدام المجاز والتشبيه البليغ في إيصال المعنى، والحصول في المقابل على رضا القارئ بما يخاطب جانب الخيال لديه، الأمر الذي يجعله -أي القاري- يسافر في رحلة ممتعة على متن الحديث وهو طرباً بجمال المعنى والتشبيه..!!
•المعروف أن ملكة الخيال لدى الشعراء تساهم بصورة مباشرة في توضيح مكانتهم الشعرية وتحدد هوية وملامح مسيرتهم أو سيرتهم الأدبية، إذ أن الشاعر الناجح لابد وأن يتوافر على عوامل مساعدة تعينه على كتابة الشعر، تلك العوامل تتمثل معظمها في الخيال الشاعري، لكن يظل الجانب الأهم هو الإبداع في استخدام اللغة العربية والتلاعب بألفاظها ومعانيها حسب ما يطلبه النص الإبداعي، وحسب ما يرتضيه الخيال الشاعري، ذلك باستخدام المجاز والتشبيه والكناية وأدوات البلاغة المعروفة.
• العوامل المذكور أعلاه؛ متوفرة في شعراء العصر الحالي ولكن من جهة أخرى نجد أن اللغة لم تعد كما كانت والشعر هو المتأثر الأول بذلك، حيث أن اللغة الحالية أضحت لغة كثيرة الاستخدام وكثيرة التناول فيما يتعلق بالجماليات حيث أن هنالك عدد محدود من الكلمات والمترادفات درج الشعراء على استخدامه والترويج له، بقصد او بدونه، ما يجعلك تشعر لبرهة أن الإبداع منقوص من النصوص الشعرية، الأمر الذي ساهم في تحول بعض الشعراء إلى اللغة العامية وبعضهم ظل يستخدم لغة عربية ليست دارجة ولكنها حسب رأيي مستدرجة من حيث الرواج بين الأدباء الحاليين.
•  حسب ظني أن عامل اللغة له اليد الطولى في تحديد وجهة الشاعر حيث تجد أن اللغة العربية أصبحت عامية أو عمومية إن جاز التعبير على المستوى الإعلامي عامة،  كيف لا والعالم تسوده السرعة وعدم رغبة انسانه في التوقف لقراءة مقال من (600) كلمة،  فضلاً عن قراءة رواية أو كتاب قديم أو معلقة من المعلقات السبع، وذلك يعود بنا إلى مقولة : "الشاعر أبن بيئته"، حيث أضحت البيئة دارجة ومستدرجة من حيث اللغة وسريعة من حيث التعاطي مع القراءة والكتابة في المحيطين الاجتماعي والإعلامي ولن نقول الثقافي حيث أن الثقافة تطلب المواكبة وقراء كل ما تتوفر عليه عيناك أو تمسك به يداك، الأمر الذي يقودك إلى التمتع بلغة مختلفة وتلك النقطة تحدد لنا أن  بعض الشعراء الحاليين متهمين بعدم التنوع الثقافي أو على الأرجح يغلق الواحد منهم على نفسه في إطار ثقافي محدد سواء أكان يتعلق بنوع معين من الأدب أو محيط شعري محدود..!!
•اللغة العربية الفصحى والطلاقة في التعبير غير متوفرة للاستخدام اليومي في عصرنا الحالي إلاّ في الرواية ونشرات الأخبار والوصف الحي للأفلام الوثائقية فضلاً عن أغنيات العملاق (ود اللمين) أما اللغة الأخرى المستخدمة فهي لغة ليست عامية وكلنها لغة فصحى عمومية أي كثيرة الاستخدام في ظل غياب الإبداع في بنية النص أو متن الحديث..!!
•وهنا أتذكر القصة القديمة والشائعة في مجالس الأدباء والتي تقول أن: علي بن الجهم كان بدوياً جافياً، فقدم على المتوكل العباسي ، فأنشده قصيدة ، منها:
أنت كالكلب في حفاظك للود  ..   وكالتيس في قِراع الخطوب
أنت كالدلو ، لا عدمناك دلواً  ..  من كبار الدلاء كثير الذنوب
•فعرف المتوكل حسن مقصده وخشونة لفظه ، وأنه ما رأى سوى ما شبهه به، لعدم المخالطة وملازمة البادية ، فأمر له بدار حسنة على شاطئ دجلة ، فيها بستان حسن ، يتخلله نسيم لطيف يغذّي الأرواح ، والجسر قريب منه ، وأمر بالغذاء اللطيف أن يتعاهد به ، فكان – أي ابن الجهم – يرى حركة الناس ولطافة الحضر،  فأقام ستة أشهر على ذلك ، والأدباء يتعاهدون مجالسته ومحاضرته، ثم استدعاه الخليفة بعد مدة لينشده ، فحضر وأنشد :
عيون المها بين الرصافة والجسر ..  جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أعدن لي الشوق القديم ولم أكن   .. سلوت ولكن زدت جمرا على جمر.
•فقال المتوكل : لقد خشيت عليه أن يذوب رقة.
زحام المعنى
•الشعراء في بلادي مبدعين سواء أكان ذلك في النصوص المكتوبة باللغة العامية أو باللغة الفصحى ولكن العصر الحالي بدا الشعر محاصراً من البيئة السريعة والغير متجاوبة مع الجودة إلا فيما ندر.
•لكن هذا لا ينفي وجود إشراقات متعددة تتمثل في المنتديات الثقافية  التي تذخر بالإبداع في كينونة النص وبنية اللغة ومتن الحديث.
•في المقابل هنالك أثر طفيف نوعا ما بالنسبة للشعر الهابط، لكن ذلك الأثر قد يتحول إلى مهدد حقيقي للعشراء القادمين من الجيل الجديد، حيث تجد أن كلمات أغاني الشاعر أمجد حمزة باتت مفضلة لمعظم الفنانين الشباب وهو خطر محدق يهدد مستقبل الشعر والغناء حيث أن المتلقي الحالي هو الفنان – الشاعر أو الأديب المستقبلي.
•لا يعقل أن  يتم حصر الشعر في رشفة قهوة بالتالي التغزل في جماليات لونها ولذيذ طعمها ونوعية البن، وافتضاح عطرها، في معظم الجلسات الشعرية بصورة راتبة ورتيبة تشير بجلاء  إلى عدم تنوع مشارب الشعراء.
•في رأيي أن كلمات الغناء الهابط تولد ميتة حيث أنها تشبه إلى حد بعيد أغاني الإعلانات التلفزيونية التي سرعان ما تجاهلها المتلقي بغية التجديد لكنها تترك أثراً غير ظاهر يتمثل في اعتياد المتلقي على التجديد والملل من الاستمرار ونخشى أن ذلك الملل يعدي الغناء في مختلف أنواعه ونصوصه و فنياته.
•الشاعر الجيد لابد وأن يكون قارئ جيد ولابد أن يتوفر على ذائقة فنية تهتم بالجودة في النص واللغة وتحسين الأدوات وعدم الركون للتأثر بالبيئة المحيطة.
•قال المستشرق الألماني اوجست فيشر: "إذا استثنينا الصين فلا يوجد شعب أخر يحق له الفخر بوفرة كتب علوم لغته غير العرب".
•العالم تحول إلى شاشة صغيرة عوضاً عن القرية الصغيرة، وبناء على ذلك على الشاعر أن يصنع لنفسه قريته السياحية الخاصة داخل تلك الشاشة.
آخر محطة
#  أرى لرجال الغرب عزّاً ومنعةً .. وكم عزّ أقوامٌ بعزّ لغات.
 #  أتوا أهلهم بالمعجزات تفنّنا ..  فيا ليتكم تأتون بالكلمات.. (الشاعر حافظ إبراهيم).

الطريق إلى النص